محمد خير البوريني: الصوفية ظهرت في العالم الإسلامي في القرن الثالث الهجري وهي تدعو إلى الزهد وشدة العبادة وهذا من صلب الإسلام وجاءت رد فعل على انغماس البعض في الترف والملذات الدنيوية، إذا كان المتصوف هو المؤمن الذي يلتزم بكتاب الله وسنة رسوله لماذا يرى البعض في التصوف اختلاف الظاهر عن الباطن وبالتالي ما جاء به الإسلام؟ وماذا تعنى الطقوس الصوفية وهل الكرامات عند الصوفيين كرامات بالفعل الطريقة البلالية وتقرير عبد الله ولد محمدي من مالي في غرب أفريقيا.
عبد الله ولد محمدي: دعوة للاحتفال بطقس يومي أنه جزء من التعاليم التي يبثها بلال بين أتباعه رقص حتى الذوبان في العشق كما يردد الرجل الشاب وهو يشجع شبان مثله على تلك الموسيقى الروحية التي تجعل الأتباع يرقصون حتى نسيان الذات البلالية هي أحدث صيحات ما يسميه الشيخ المالي الشاب التصوف الحق تصوف يقول بأنه نبع من نور غمره وهو هائم بين الأضرحة في منطقة سيغو قرب مدينة تيمبوكتو التاريخية.
صوفي بلال: بما أنني كنت أعيش في البوادي وليس لدي مسكن كنت أتردد باستمرار على المقابر حيث كنت أنام طوال الوقت وعندما كنت أرى الأشخاص ينامون داخل البيوت كان ذلك يثير استغرابي، أمر غير ممكن في نظري وكان يطلق عليّ حينها الصوفي وبعد مدة بدأ الأتباع ينضمون إلى طريقتي رغما عني ولم تكن تلك رغبتي ولا طموحي ولا هدفي بل كان أمرا مقلقا بالنسبة لي.
عبد الله ولد محمدي: اعتاد سكان العاصمة المالية باماكوا على مشاهدة من يطلق عليهم أسم البلاليين وهم ينشدون أغنيات تخص طريقتهم فهم يعيشون في هذه المدينة التي يبلغ عدد سكانها قرابة مليون نسمة يعيش الجميع وسط حالة تختلط فيها زحمة السير، المركبات المختلفة بالتلوث الذي تسببه آلاف الدراجات النارية ذات العجلتين لكن بلال وكما يقول احتاج إلى قدر من صفاء الذهن والجو الخاص لإقناع مزيد من الناس للدخول في طريقته الجديدة كأتباع ومريدين.
صوفي بلال: لم نعرف الله بمحض الصدفة لقد أرسل فينا ثلاثمائة وثلاثة عشر رسولا لماذا يفعل الله ذلك لأنه كان يريد أن يعرفه عِباده. وبفضل الرسل اكتشف الناس خالقهم، إن الشيخ لم يضع صوره على الأشجار ويعلقها على الجدران لكي يعرفه الناس أنه رغبة الأتباع في الاتصال به ومعرفته معرفة شيخهم الذي يستفيدون منه.
عبد الله ولد محمدي: في إحدى القرى الصغيرة القريبة من العاصمة تأسست زاوية الطريقة البلالية إلى جانب البيت الذي بناه المؤسس، بيت يفضي إلى بيوت أخرى تعيش فيها الزوجات وقطيع من الأغنام الذي أهداه إليه الأتباع، في باحة البيت تمارس النسوة العمل اليومي الشاق جلب الماء وإعداد الطعام لرجال يقضون سحابة كل يوم في حلقات حرق للسعرات الحرارية، من خلال القيام بطقوس كهذه كثيرا ما تمارس حتى الإغماء الشكل الذي يتبعه أتباع هذه الطريقة يترك شك وريبة لدى قطاع واسع من الناس في مالي فالضفائر تذكر بما يعرف بالرستا والرستا تذكر بطائفة تقدس إمبراطور الحبشة السابق، من بين الأطراف التي تنظر إلى الطريقة البلالية بكثير من التشكك إذاعة دامبوا أو الفضيلة كما تعنى باللغة المحلية إذ يقول القائمون عليها أنها إنما تساهم في نشر الثقافة الإسلامية.
علي ميغا– صحفي مالي: كما نقول نحن المستعربين بأن المسلم لابد أن يعرف القرآن الكريم لكي يصلح إسلامه ولمعرفة القرآن الكريم لابد أن تتكلم أو تعرف شيئا بسيطا عن اللغة العربية، فبالنسبة لبلال وأتباعه هم لا يرون عن هذه الفكرة فكرة صحيحة لأنه هو بنفسه ليس بمستعرب وأغلب أتباعه ليسوا بمستعربين.
عبد الله ولد محمدي: ولمعرفة جذور هذه الظاهرة في مكان مقارب منها على الأقل وهي التي تنتشر في غرب إفريقيا لابد من الانتقال إلى السنغال حيث توجد طائفة قريبة منها تقول إنها تنتمي إلى شيخ من مشايخ الطريقة الموريدية، هؤلاء أيضا أصحاب ملابس ملونة وضفائر معقودة وسعي يومي لتحصيل الأموال من المتعاطفين وكباقي أفراد الطائفةتظل قراءة القصائد الصوفية والمدائح جزء من برنامج يقول إنه يهدف بالوصول إلى الروح إلى مرحلة السمو وتربية وثقل هذه الروح وترويضها.
أحمد سالم البخاري– خبير في الشؤون الإفريقية: أسس ظاهرة البيفان أحد شيوخ الطريقة الموريدية وثمة قواسم مشتركة كبيرة بينها وبين ظاهرة البلاليين المنتشرة حاليا في العديد من دول غرب إفريقيا.
عبد الله ولد محمدي: في ندوة للطرق الصوفية نظمتها جمعية الدعوة الإسلامية العالمية وحكومة مالي تجري محاولة للاستفادة من جو التعاطف مع الطرق الصوفية واستثمار ذلك لأهداف مختلفة.
محمد أحمد الشريف– الأمين العام لجمعية الدعوة الإسلامية العالمية: الصوفيين هم أصحاب المدارس التربوية يقومون بتربية الأجيال لحفظ القرآن وعلى سلوك الطريق وهذا يعني أدى إلى أنهم دائما يقومون بالعمل بالحكمة والموعظة الحسنة.
عبد الله ولد محمدي: عمل البلالية من خلال برنامج دعائي وقد لا يكون الموقف منها واضحا بالنسبة لعدد من القائمين على طرق صوفية أخرى يفضلون عدم الخوض في مثل هذا الأمر تجنبا للفتنة على حد قول المرشدين إلى أنهم مجتمع لإنهاء ثقافة التكفير والاتهامات التي يمارسها الآخرون. وبعيدا عن آلة الدعاية للأشكال الجديدة من التصوف وطقوس الرقص المختلفة يقيم الموريدون وأتباع هذا الرجل المنتمي للطريقة الحموية الدجالية حلقات ذكرهم والتي تتواصل بعد كل صلاة وصلاة أخرى لما يسمونهم هم أيضا بالتصوف الحق تختلط الصور وتتعدد الأشكال التي يراد تسويقها بها لكن رهان البلاليين في مالي هو تنشئة جيل يكبر وهو لا يعرف سوى تلك الموسيقى التي ألهمت المؤسس، في كل مرة يدخل فيها تيار صوفي جديد إلى الساحة يتجدد الاختلاف حول المظاهر المصاحبة له، تمثيلية كانت أم شعوذة كما يعتقد البعض أم حالة وجدانية لا يجد تفسيرها إلا من عاشها وحده. عبد الله ولد محمدي مراسلو الجزيرة باماكو مالي.
المصدر: الجزيرة نت
http://www.aljazeera.net/channel/archive/archive?ArchiveId=128681#L2
إضافة تعليق جديد